المركز الأمريكي للعدالة: جهود الرئاسي لمكافحة الفساد مهددة بتعثر تعاون الجهات الحكومية

كشف المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) عن أبعاد خطيرة لملف الفساد في اليمن، مشيرًا إلى تقارير رسمية صادرة عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة كشفت عن إهدار مئات الملايين من الدولارات في قطاعات حيوية.
الفساد في اليمن: تحدٍ يهدد مسار التنمية والعدالة
في خطوة تهدف إلى تسليط الضوء على أبعاد الفساد المستشري في اليمن، بدأ مجلس القيادة الرئاسي إجراءات منسقة مع الجهات المعنية لمحاربة الفساد، مكافحة تبييض الأموال، تمويل الإرهاب، حماية المال العام، وتعزيز المركز القانوني للدولة. جاءت هذه الخطوة استنادًا إلى تقارير من جهات إنفاذ القانون، لا سيما تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، الذي أوصى بفتح تحقيق واسع في قضايا الفساد.
وأشار المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) إلى أن هذه القضايا تمثل تحديات تهدد استقرار المؤسسات، وتؤكد الحاجة الملحّة إلى تعزيز الجهود الرقابية، تفعيل المساءلة، وحماية المال العام.
وكانت قد كشفت التقارير الرسمية عن تلاعب خطير في مشاريع حيوية، مثل عقود توليد الطاقة، وإهدار المال العام، فضلاً عن استيلاء مسؤولين سابقين على أراضي الدولة، وتسهيل الاستحواذ على المشتقات النفطية بطرق غير مشروعة. كما أظهرت التقارير استغلال مؤسسات دبلوماسية وصرف مبالغ مالية دون مسوغ قانوني، ما تسبب بخسائر كبيرة تجاوزت مئات الملايين من الدولارات.
علاوة على ذلك، أشارت التقارير إلى عمليات تعيين تمت بناءً على المحسوبية بدلاً من الكفاءة، مما أدى إلى تدهور الأداء الإداري والوظيفي. ونتيجة لهذا الفساد، حُرم المواطن اليمني من الخدمات الأساسية، ما تسبب بوفاة الآلاف نتيجة غياب الخدمات الصحية والغذائية.
ورأى المركز الأمريكي للعدالة أن الإجراءات التي بدأها مجلس القيادة الرئاسي خطوة جيدة، لكنها لن تؤتي ثمارها ما لم تُزال التحديات القائمة، خصوصًا تعثر تعاون بعض الجهات الحكومية، مما يعيق الجهود المبذولة لاستكمال التحقيقات وضمان العدالة.
شدد المركز على أن تعزيز الشفافية والمساءلة يعد حجر الزاوية لبناء مؤسسات قادرة على مواجهة الفساد. وأشار إلى أن غياب الآليات الرقابية الفعالة وامتناع بعض الجهات عن التعاون يعكس خللاً يهدد سيادة القانون ويُضعف ثقة المواطنين بالدولة. وأكد على ضرورة محاسبة كافة المتورطين في قضايا الفساد، بغض النظر عن مواقعهم أو انتماءاتهم، مع اتخاذ خطوات ملموسة لبناء ثقافة قانونية تُجرّم الفساد وتردعه.
دعا المركز إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتأمين موارد الدولة من الاستنزاف والنهب، مشددًا على أن الكشف عن قضايا تتعلق بإهدار مئات الملايين في قطاعات حيوية يعكس حجم التحديات الاقتصادية المتفاقمة بفعل غياب المساءلة. وأكد أن أي تأخير في التحقيقات وملاحقة المتورطين يؤدي إلى تفاقم الأضرار التي يتحملها المواطن اليمني.
كما شدد المركز على أن القضاء المستقل هو السبيل الوحيد لمواجهة الفساد ومعالجة الملفات العالقة، داعيًا إلى تحصين السلطة القضائية من التدخلات السياسية والإدارية وضمان استقلاليتها لتعزيز مصداقيتها وقدرتها على إحقاق العدالة.
واختتم المركز بالتأكيد على أن مكافحة الفساد ليست مسؤولية يمنية فقط، بل هي جزء من التزامات المجتمع الدولي تجاه اليمن، مشيرًا إلى أهمية الشراكة بين السلطات اليمنية والمنظمات الدولية لتفعيل آليات مكافحة الفساد وحماية الاقتصاد اليمني من الانهيار، وضمان وصول الدعم الدولي لمستحقيه دون تلاعب أو استغلال.
وذكر المركز أن التلاعب شمل عقود توليد الطاقة، الاستيلاء على أراضي الدولة، وصرف مبالغ مالية دون مسوغ قانوني، مما ساهم في تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
وبحسب التقارير، فقد تجاوزت الخسائر الناتجة عن هذه التجاوزات مئات الملايين، بما في ذلك استنزاف موارد الدولة في مشاريع لم تُنفذ كما هو مخطط لها، واستغلال المناصب الدبلوماسية لتسهيل عمليات صرف غير قانونية. كما أظهرت التحقيقات وجود فساد واسع في قطاع المشتقات النفطية، حيث تم تسهيل الاستحواذ عليها بطرق مخالفة، مما زاد من الأعباء المالية على الدولة.
وأوضح المركز أن المحسوبية في التعيينات داخل المناصب الهامة أسهمت في تفاقم الوضع، حيث تم تجاهل الكفاءة والخبرة القانونية لصالح التعيينات القائمة على العلاقات الشخصية.
وبحسب الأمريكي للعدالة أدى ذلك إلى ضعف الأداء الإداري وإهدار الفرص لتطوير المؤسسات.
وأشار المركز إلى أن الفساد الحكومي تسبب بحرمان آلاف المواطنين من الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة والتعليم والغذاء، ما أدى إلى وفاة الآلاف بسبب نقص الرعاية والخدمات الضرورية.
ورغم الإجراءات التي بدأها مجلس القيادة الرئاسي لمكافحة الفساد، بما في ذلك فتح تحقيقات موسعة وإحالة القضايا إلى القضاء، أكد (ACJ) أن غياب الشفافية وعدم تعاون بعض الجهات الحكومية يعيق استكمال التحقيقات ويهدد بتحصين المتورطين من المحاسبة.
ودعا المركز إلى تعزيز آليات الرقابة، وضمان استقلالية القضاء، وملاحقة كافة المتورطين دون استثناء. وشدد على أن الكشف عن أرقام بهذا الحجم يعكس الحاجة الملحّة لتفعيل الجهود المحلية والدولية لوقف نزيف موارد الدولة وحماية المال العام.
وأكد (ACJ) أن تأخير الإجراءات أو التساهل مع المتورطين سيُفاقم الوضع الاقتصادي في اليمن، ويُضعف ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة.
كما طالب بتعاون دولي لدعم جهود مكافحة الفساد وضمان وصول المساعدات الدولية لمستحقيها بعيدًا عن أي تلاعب أو استغلال.